مقاربـة إسلامية للإقتصــاد والتنميــة / الجزء السابع/ د.خالد الطراولي
مدخل ÙÙŠ البناء البديل [7/8]
من "التنمية العابدة" إلى المجتمع Ø§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ù…ØµÙ„Ø
لقد خلصنا ÙÙŠ الأجزاء الستة السابقة إلى ØªØØ¯ÙŠØ¯ Ù…Ùهوم جديد ÙÙŠ الاقتصاد أطلقنا عليه "الإنسان العابد" ثم ألØÙ‚نا به Ù…Ùهوما آخر عبرنا عنه ب"التنمية العابدة" وهي عملية متعددة الأبعاد والمسارات، يلتقي Ùيها كل من السياسي والاقتصادي والاجتماعي ÙˆØ§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠ ÙˆØ§Ù„Ø«Ù‚Ø§ÙÙŠØŒ من أجل ØÙŠØ§Ø© طيبة، تتمثل ÙÙŠ تهيئة الظرو٠المادية والروØÙŠØ© للإنسان العابد، لإيجاد السكينة ÙˆØ§Ù„Ø±Ø§ØØ© المادية ÙˆØ§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠØ© التي تجعله يلامس الذروة ÙÙŠ علاقته مع ربه ومع مجتمعه. إن الهد٠النهائي لهذا المسار التنموي المتعدد الأبعاد هو التكوين المتدرج والمتواصل للمجتمع العابد ÙˆØ§Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ù…ØµÙ„Ø[[1]]ØŒ الذي ÙŠÙيد Ù†ÙØ³Ù‡ ÙˆÙŠÙ†ÙØ¹ جاره وقومه والإنسانية عامة.
ماهية التنمية الاقتصادية
Ùˆ التنمية الاقتصادية جزء هام Ùˆ مكمل للمجالات الأخرى Ùˆ هي التي تعيننا ÙÙŠ هذه الورقة.
*/Ùهي مسار جماعي راشد يسعى إلى Ø¥ØØ¯Ø§Ø« تغييرات هيكلية وعقلية ÙÙŠ سلوك المستهلك Ùˆ المنتج Ùˆ المستثمر، بهد٠إيجاد Ø§Ù„Ø±ÙØ§Ù‡Ø© المادية Ùˆ الروØÙŠØ© المنشودة؛
*/ Ùˆ هي السبيل إلى البلوغ بالإنسان العابد إلى الذروة ÙÙŠ علاقته مع ربه امتثالا وعبادة، شعيرة ÙˆØØ±ÙƒØ©ØŒ بتهيئتها Ù„Ù„Ø¸Ø±ÙˆÙ Ø§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠØ© Ùˆ العملية لإنجاØÙ‡Ø§ØŒ
*/ وهي تعتبر الإنسان هدÙها الأسمى والأداة الواعية Ùˆ الكريمة للقيام بها.
*/ وهي تعتبر الأخلاق Ù€ وسيلة ÙˆÙ‡Ø¯ÙØ§ Ù€ بعدا أساسيا ومØÙˆØ±ÙŠØ§ ÙÙŠ التنظير والتنزيل، ÙˆÙÙŠ إعطاء مصداقية للعدل والإنصا٠لمشروعها.
*/ وهي ترى أن البيئة المØÙŠØ·Ø© تمثل جزء من الإنسان، لا يمكن Ø¥ØºÙØ§Ù„ها Ùˆ لا التصادم معها، ÙÙÙŠ وجودها وجوده Ùˆ ÙÙŠ Ùناءها Ùناءه، مستهلكا كان أو منتجا أو مستثمرا.
*/ وهي تركز على دور الدولة Ùˆ البنك ÙÙŠ تنزيل مشروعها بما للأولى من جانب منتج Ùˆ مراقب، Ùˆ ما للثانية من ريادة Ùˆ ØØ¯Ø§Ø«Ø© عبر عمليتي المشاركة Ùˆ المضاربة.
*/ وهي تؤكد على البعد الداخلي والمندمج للنموذج التنموي دون التطر٠ÙÙŠ التخلي أو الهيمنة الكلية للتوجه الخارجي والتصديري، وهي الوسطية ÙÙŠ Ø¥ØØ¯Ù‰ صورها التي تأخذ بعين الاعتبار كل ثوابت ÙˆÙ…ØªØØ±ÙƒØ§Øª الواقع المعاش ÙÙŠ كل مستوياته الداخلية والخارجية.
تØÙ„يــــــل ونتــــائج
.1.التنمية الاقتصادية هي مسار أولا Ùˆ ليست ØØ§Ù„Ø© Ùˆ هذا يعني أنها دائمة Ø§Ù„ØØ±ÙƒØ© Ùˆ التطور ØØ³Ø¨ Ø§Ù„Ø§ØØªÙŠØ§Ø¬Ø§Øª الروØÙŠØ© Ùˆ المادية للمجتمع. وهو تعبير عن Ø§Ù„Ø¨ØØ« Ù†ØÙˆ Ø§Ù„Ø£ÙØ¶Ù„ والأسلم والأصلØ.
.2. وهي جماعية Ùˆ ليست ÙØ±Ø¯ÙŠØ©ØŒ تسعى من خلال المجموعة Ùˆ مشاركتها البنّاءة عبر الجمعيات Ùˆ المجالس إلى أن تكون ØØ§Ø¶Ø±Ø© ÙÙŠ كل مستويات القرار Ùˆ التنÙيذ.
.3. وهي راشدة غير مرتبطة بميولات ÙØ±Ø¯ أو نزوات مجموعة، تلزم التقش٠إذا وجب، والازدهار إذا أمكن، ØØ³Ø¨ إمكانيات Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ Ùˆ ثروات البلاد Ùˆ نصيب الأجيال القادمة. وتØÙƒÙ…ها مخططات واستراتيجيات.
.4. Ùˆ التنمية الاقتصادية تسعى إلى ØªØØ¯ÙŠØ« راديكالي ومتدرج ÙÙŠ سلوك الاستهلاك Ùˆ الإنتاج Ùˆ الاستثمار وذلك بتنزيل Ù…Ùهوم العبادة من مستوى الديكور إلى جوهر المعاملة.
ÙØ§Ù„مستهلك العابد ليست غايته Ø§Ù„Ø¥ÙØ§Ø¶Ø© ÙÙŠ تنويع Ùˆ ملئ سلته كما تريد النظرية الاقتصادية المهيمنة Ùˆ التي لقت صداها عند كثير من الاقتصاديين الإسلاميين، بل همه ØØµØ± هواه ÙÙŠ مرضاة مولاه ÙˆØ§ØØªØ±Ø§Ù… من سواه، واعتبار أن رضاه ÙˆÙ…Ù†ÙØ¹ØªÙ‡ الكلية تتكون من رضاء مادي Ùˆ رضاء أخلاقي روØÙŠ . غير أن ذروة رضائه الØÙ‚يقي هي ذروة رضائه الروØÙŠ Ø§Ù„ØªÙŠ تكون أعمق Ùˆ أطول، والتي تكون نتيجة استهلاك معين تغلب عليه الوسطية ÙÙŠ الكمية Ùˆ ÙÙŠ النوع، Ùˆ التي تعبر على استعمال Ù…ØØ¯ÙˆØ¯ للدخل .
أما المنتج العابد Ùهو لا يسعى إلى إنتاج أيَّ شيء ليخلق ØØ§Ø¬ØªÙ‡ Ùيما بعد، Ùˆ لكن ÙŠØØ§ÙˆÙ„ أن يلبي ØØ§Ø¬Ø© موجودة أولا، Ùهو لا ينتج الممكن دون ØØ§Ø¬Ø©ØŒ ولكن الممكن ÙˆØ§Ù„Ù…ØØªØ§Ø¬ إليه. ثم إنه مقيد Ø¨ÙØ¶Ø§Ø¡ تشريعي معين لا يجعله ينتج خبائث (خمر Ùˆ غيرها)ØŒ وهو لا يجعل همَّه الوصول إلى الذروة الربØÙŠØ© ÙÙŠ كل الأØÙˆØ§Ù„ Ùˆ التي تؤدي به إما إلى أن يزيد ÙÙŠ أسعاره أو ينقص تكاليÙÙ‡ أو الاثنين معا . Ùˆ إذا كانت النتيجة الأولى كثيرا ما أدت إلى استعمال ÙØ¸ÙŠØ¹ لخيرات هذه الأرض، والمشروع الليبرالي ÙÙŠ ØÙŠØ±Ø© الآن من النتائج المستقبلية لمساره الاقتصادي على المدى المتوسط والبعيد، خاصة بعد دخول ربع البشرية على الخط، ممثلة ÙÙŠ الصين قبل الهند، ÙØ¥Ù† النتيجة الثانية كثيرا ما عولجت بطرد عمالي رهيب، وغلق للمصانع وهروب بها Ù†ØÙˆ بلدان أقل ØªÙƒÙ„ÙØ© وأكثر Ø±Ø¨ØØ§ للمستثمرين ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨ الأسهم. Ùˆ ما نراه الآن ÙÙŠ الغرب من بطالة هو تعبير عن Ø¥Ùلاس هذا التوجه. Ùهمّ٠المنتج العابد هو إنتاج الطيبات بقدر ما يغطي ØØ§Ø¬ÙŠØ§Øª Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ Ùˆ المجتمع.
Ùˆ إذا كان ØØ§Ùز Ø§Ù„Ø±Ø¨Ø ÙŠØ´ÙƒÙ„ عاملا مهمّا ÙÙŠ العملية الاقتصادية ÙØ¥Ù†Ù‡ يجب أن يكون نسبيا Ùˆ Ù…ØØ¯Ø¯Ø§ Ùˆ منسجما مع عناصر أخرى للإنتاج : كالعامل الإيكولوجي والعامل الروØÙŠ ÙˆØ§Ù„Ø¹Ø§Ù…Ù„ الاجتماعي.
Ùˆ نعني بالعنصر الإيكولوجي جعل الإنتاج مرتبطا بنتائجه البيئية، Ùكلما كانت زيادة الإنتاج مدمّرة للبيئة ØÙŠÙ„ Ùˆ مواصلتها Ùˆ العكس صØÙŠØ ( Ùˆ Ø³ÙˆÙ Ù†ØªØØ¯Ø« لاØÙ‚ا بأكثر Ø§Ù„ØªÙØ§ØµÙŠÙ„ عن هذا البعد).
أما العامل الروØÙŠ Ùهو يعني أن المنتج يسعى من خلال إنتاجه إلى مرضاة ربه Ùˆ التقرب إليه، وهذا يعني أن هناك وقتا معينا Ùˆ Ù…ØØ¯Ø¯Ø§ للإنتاج، Ùلا يجب أن تتعارض مواصلة الإنتاج مع أوقات شعائره ÙˆØ±Ø§ØØªÙ‡ الروØÙŠØ© التي تشكل عنصرا Ø¯Ø§ÙØ¹Ø§ وعاملا غير مباشر ÙÙŠ ØªØØ³ÙŠÙ† الانتاجية وزيادة الإنتاج. Ùˆ هكذا ÙØ¥Ù† الأولوية تعود إلى تمتين هذه العلاقة الربانية Ùˆ جعل الإنتاج Ù…ÙƒÙŠÙØ§ ØØ³Ø¨ الوصول إلى ذروتها ØØªÙ‰ ÙŠØØµÙ„ Ø§Ù„Ø¥ØØ³Ø§Ù† ÙÙŠ كل شيء وتكون العبادة ØØ±ÙƒØ© وشعيرة.
أما العامل الاجتماعي ÙØ¥Ù†Ù‡ يعني ØØ§Ù„Ø© السكينة التي يجدها المنتج من خلال ØÙŠØ§Ø© عائلية واجتماعية مستقرة، Ùˆ هذا يعني ØªØØ¯ÙŠØ¯Ø§ زمنيا Ùˆ كميا معينا للإنتاج، بØÙŠØ« يسبق الاستقرار العائلي من تلبية المتطلبات الزوجية ÙˆØ§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ØŒ والسلم الاجتماعي كل همّ٠إنتاجي. Ùيجب أن يكون الإنتاج ÙÙŠ خدمة هذين البعدين Ùˆ ليس العكس.
.5. والتنمية الاقتصادية ترى الإنسان Ù‡Ø¯ÙØ§ Ùˆ وسيلة لها، وذلك من خلال تقديسها لمÙهوم العمل واعتباره المصدر الطبيعي للكسب والأداة الأصلية للارتزاق ÙˆØªØØ¯ÙŠØ¯Ù‡Ø§ لأولوياته المبنية على Ø§Ù„ÙØ±Ø¶ÙŠØ§Øª التالية :
*/ مساواة للأجور Ù„Ù†ÙØ³ Ø§Ù„ÙƒÙØ§Ø¡Ø© Ùˆ Ù„Ù†ÙØ³ المردود بين الجنسين(الآية : "Ùˆ أن ليس للإنسان إلا ما سعى")[النجم39].
*/ سعادة و سكينة الأسرة هي غاية أي عملية تشغيلية بين الزوجين.
*/ إن المرأة ÙÙŠ بيتها ليست خاملة وهي عاملة وعلى الدولة تركيز أجرة لها إذا كان ذلك خيارها وتعظيم شأنه لدى العامة وجعله موازيا ÙÙŠ قيمته الاجتماعية والاقتصادية لأي عمل خارج المنزل.
*/ إن Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ العابد يسعى Ùˆ يعمل لإعالة Ù†ÙØ³Ù‡ Ùˆ من هم ÙÙŠ ÙƒÙØ§Ù„ته، ÙØ§Ù„Ù†ÙØ³ المهمومة عيشا، لا تÙقه عملا ولا ØªØØ³Ù† شعيرة. إن هذا التوازن بين العمل الدنيوي Ùˆ الأخروي هو Ø¥ØØ¯Ù‰ غايات الاقتصاد الإسلامي Ùˆ Ø¥ØØ¯Ù‰ أهم ÙØ±Ø¶ÙŠØ§Øª تنزيله.
*/إن Ø§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ ليسوا عناصر إنتاج بل هم رØÙ…Ø© للعائلة ÙÙŠ استقرارها Ùˆ للمجتمع ÙÙŠ دوامه Ùˆ تطوره Ùˆ هم ثروة الغد ÙÙŠ ØØ³Ù† استثمارها اليوم من تربية أسرية واعتناء اجتماعي.(ØØ¯ÙŠØ« "ألزموا أولادكم Ùˆ Ø£ØØ³Ù†ÙˆØ§ تربيتهم"-ابن ماجه)
من هذه Ø§Ù„ÙØ±Ø¶ÙŠØ§Øª الإسلامية للعمل تتنزل النتائج التالية ÙÙŠ خصوص Ø£ØÙ‚يته وأولويته :
*/ إذا كانت ØØ§Ù„Ø© المجتمع ÙÙŠ Ø¥ØØ¯Ù‰ ØÙ„قات مسارها عاجزة أن تيسر لكل ÙØ±Ø¯ ØÙ‚Ù‡ الدستوري والوطني ÙÙŠ الشغل وجب تركيز سلم للأولويات ÙØ¥Ø°Ø§ رأى Ø£ØØ¯ الزوجين العاملين تخلي Ø£ØØ¯Ù‡Ù…ا عن ØÙ‚Ù‡ ÙÙŠ العمل والبقاء لتنشئة الأبناء، ÙØ¥Ù† استقلاليته المالية تبقى مصانة ومضمونة عبر تشريع لأجر منزلي.(يقول الغزالي : لكل من يولى أمرا يقوم به تتعدى Ù…ØµÙ„ØØªÙ‡ إلى الدين لو اشتغل بالكسب لتعطل عليه ما هو Ùيه Ùله ÙÙŠ بيت المال ØÙ‚ Ø§Ù„ÙƒÙØ§ÙŠØ©. Ùˆ يدخل Ùيه العلماء كلهم Ùˆ طلبة العلم Ùˆ يدخل Ùيه الكتاب Ùˆ Ø§Ù„ØØ³Ø§Ø¨ والوكلاء Ùˆ كل من ÙŠØØªØ§Ø¬ إليه"[[2]]
*/ إن Ø§Ù„ÙƒÙØ§Ø¡Ø© هي أساس Ø§Ù„ØªÙƒÙ„ÙŠÙØŒ Ùلا Ù…ØØ§Ø¨Ø§Ø© ولا مجاملة، ولكن Ø§ØµØ·ÙØ§Ø¡ واختيار طبق درجات الأمانة والقوة. (إن من استأجرت القوي الأمين )[الآية] والآية تعطي نموذجا آخر للترابط العضوي الذي يوجبه الإسلام بين التمكن المادي ÙˆØ§Ù„ØªØØµÙ‘Ù† الأخلاقي Ù„Ø¥Ù†Ø¬Ø§Ø ÙƒÙ„ عملية تكليÙ.
*/ إن الإتقان هو Ø¥ØØ¯Ù‰ غايات التكلي٠( إن الله ÙŠØØ¨ إذا عمل Ø£ØØ¯ÙƒÙ… عملا أن يتقنه ) [ØØ¯ÙŠØ«]. والعدل أساس التعامل، Ùلا بخس ولا ظلم، ÙØ§Ù„مستأجر له ØÙ‚ جودة العمل وجدّيته، والعامل له ØÙ‚ أجره العادل نتيجة جهده قبل أن يج٠عرقه.
ـ يتبع ـ