البنوك الإسلامية وهــاجس التنمية / الجزء الثاني


4* Ø§Ù„مزارعة والمساقاة : ÙˆØ²Ø§Ø¯ بعضهم المغارسة، وقد عرف ابن قدامة المزارعة " بأنها دفع الأرض إلى من يزرعها أو يعمل عليها والربح بينهما "[[1]] [5]. وعرّف الأحناف والمالكية المساقاة بأنها عقد على خدمة الشجر وإصلاحه على سهم معلوم من علته [[2]] [6]. فهي عقود استثمارية تخص القطاع الزراعي تجمع بين رأس المال (الأرض الزراعية) والعمل. وهي صيغة تمويليّة شديدة الأهمّية للبنوك الإسلامية لما لها من علاقة مباشرة مع أحد القطاعات الرئيسية والحسّاسة للبلدان الإسلامية؛ ولسهولة تطبيقها النّسبي، إذ يمكن للمصرف أن يأخذ على عاتقه عملية إحياء الأرض من أصحابها، أو أن يتملّك الأراضي الفلاحية والدخول مع أفراد أو شركات في السهر على خدمتها في مقابل تقاسم نتائج غلّتها.
5* الإستصناع : Ù‡Ùˆ عقد بيع يتمثّل في صورته العامة أن يطلب شخص من آخر صناعة شيء ما على أن تكون المواد من عند الصانع وذلك نظير ثمن معين، وهو شبيه بعقد المناولة في عصرنا الحاضر[[3]] [7]. وتبدو أهميته الاقتصادية في إمكانية تمويله لمشاريع تنموية قصيرة أو متوسطة أو طويلة المدى حسب الدورة الإنتاجية لكل مصنوع . وهو يهمّ خاصة قطاع الحرفيّين الأكثر حاجة للتمويل والأقل ملاءة نقدية وهو بالتالي عقد "اجتماعي تضامني " يستطيع أن يلبي مطالب وحاجات المعسورين حالا والمنبوذين من القطاع البنكي التقليدي. ÙØ§Ù„بنك الإسلامي يستطيع أن يكون الصانع أو المستصنع في هذا العقد، فهو صانع بانغماسه في الحياة الصناعية مباشرة منشئا المصانع ومهيئا موادها الخام وكوادرها المسيّرة؛ أو حافرا للآبار والقنوات في المجال الزراعي أو مقاولا في البناء. وهو مستصنع (الطرف الذي يطلب صنع الشيء) بما يوفّره من طلبات للقطاع الحرفي تلبية لعملائه أو لصالحه إذا رأى إمكانية تسويق المنتوج لاحقا . وقد يبدو أن حالة البنك الصانع ليست هيّنة، فهي تتطلّب دراية بالمشروع ومعرفة كبيرة بحرفائه، ÙˆÙ…تابعة Ø¯Ø§Ø¦Ù…Ø© لمراحل الإنتاج ØŒ لذا اعتبرها بعضهم غير مُيسّرة للبنك التجاري الإسلامي وأنها تبقى ممكنة للبنوك المختصّة [[4]] [8].
6* الجعالة : Ø¹Ø±Ù‘فها ابن رشد بأنها "أن يجعل الرجل للرجل جعلا على عمل يعمله إن أكمل العمل ،وإن لم يكمله لم يكن له شيء وذهب عناؤه باطلا "[[5]][9]. ÙˆØªØ¬Ø¯ الجعالة أهميتها في المواضع التي يصعب فيها تقسيم الجهد والوقت اللازم لتنفيذ عملية ما [[6]][10]. وهي تصلح في التجارة، في عمليات التسويق والتسوُّق والسمسرة؛ وفي الزراعة في إصلاح الأراضي واستزراعها؛ وفي الصناعة في التنقيب على المياه والنفط والمعادن؛ وفي البحوث العلمية . ويتجلى البعد التنموي للجعالة عند استعماله من البنك الإسلامي في سعة مجالات تنزيله، فهي تمُسّ كل القطاعات الاقتصادية، ويمكن أن تمس الشركات الكبيرة والصغيرة والأفراد بحيث تمثل رأس مال مخاطر في تمويل مخابر البحث التي تعتبر ضرورية للشركات في مواصلة تواجدها وتوسعها حيث أصبح التقدم والتجديد والابتكار المتواصل عناصر تنافسية تطيح بالشركة أو ترفعها، لذا تُسخّر الكثير منها نسبة من ميزانيتها لتدعيم هذه المخابر . والبنك الإسلامي من خلال الجعالة يمكن أن يُيسّر هذا التمويل الخارجي ويساهم في تدعيم التنمية.
7* السّلم : Ù‡Ùˆ مبادلة ثمن بمبيع سواء كان الثمن عاجلا أو مقدما ÙˆØ§Ù„مبيع آجلا أو مؤجلا . فهو شراء آجل بعاجل أو بيع آجل بعاجل، وهو نوع من البيع باستثناء ابن حزم[[7]][11] . وُتستمدّ مشروعيته من المصلحة التي يحقّقها والحاجة التي يسدّها للأفراد والمجموعات، وقد سمّاه الفقهاء لهذا ببيع المحاويج. فهو صيغة تمويلية وأسلوب لتنشيط الإنتاج. وتبدو تنموية السّلم في إمكانية تمويله للقطاع الزراعي خاصة، وقد عبّر الفقهاء القدامى على هذا التخصيص بقولهم " ِلأنّ أرباب الزروع ÙˆØ§Ù„ثمار والتجارات يحتاجون إلى النّفقة على أنفسهم… ÙˆÙ‚د تعوزهم النفقة فجُوِّز لهم السلم ليرتزقوا… "[[8]][12]. ويمكن للبنك الإسلامي، عبر صيغة السلم تمويل المزارعين على المدى القصير عن طريق إمدادهم بمستلزمات الإنتاج، أو الشراء سلما لمحصول المواسم القادمة. كما يمكن تمويل الحرفيين والوحدات الصغيرة كرأس مال سلم، مقابل الحصول على جزء من المنتوج وتيسير تسويقه. ويستطيع البنك الإسلامي تمويل المشاريع الكبرى والأصول الثابتة على المدى الطويل بتقديم رأس المال الازم سلما لتمكين المنشأة من الانطلاق في الإنتاج، في انتظار توفُّر الصفقات التجارية؛ وذلك مقابل الحصول على جزء من إنتاجها المستقبلي.
هـــوامش :
[1] لا يخفى على أحد أن الجانب الشرعي و البحث عن الحلية في إدارة المال إدخارا واستثمارا , شكلت السبب الرئيسي و الطبيعي للتجربة البنكية الإسلامية.
[2] Ø§Ù„كاندهلوي محمد زكرياء " أوجز المسالك إلى موطأ مالك " ج 11 ص 4000 في منذ قحف " مفهوم التمويل في الإقتصاد الإسلامي " البنك الإسلامي التنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والندريب جدة 1991 ص : 16 .
[3] البهرتي، منصور بن يونس "شرح منتهى الإرادات " في "عقد الإجارة مصدر من مصادر التمويل الإسلامية " عبد الوهاب إبراهيم أبو سلمان البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب جدة 1992 ص 18 . 
[4] القرطبي "الجامع لأحكام القرآن" Ø·2 بيروت : دار إحياء التراث العربي 1972 ج13 ص 271 في عبد الوهاب إبراهيم مرجع سابق ص 12 .
[5]ابن قدامة " المغني والشرح الكبير " دار الكتاب العربي Ø¬ 5 ص 581 .
[6]حاشية ابن عابدين ج 6 ص 285 في Ù…نذر قحف "مفهومالتمويل في الإقتصاد الإسلامي " Ø§Ù„بنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب Ø¬Ø¯Ø© 1991 ص 16
[7]هناك احتلاف كبير بين الفقهاء في تحديد عقد الإستصناع وأحكام مشروعيته وأركان صحّته، حتى في المذهب الواحد. ولم يُعطى له عقد خاص إلاّ عند الحنفية بينما ألحقه الشافعية والحنابلة بالسّلم، والمالكية بالبيع المطلق. وقد استعمله الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في صنع خاتمه ومنبره. وهو لا يلزم صناعة بحالها، فقد قدّمت مجلة الأحكام العدلية صورا مستحدثة منه مثل صناعة السفن. ( لمزيد التفاصيل انظر شوقي دنيا " الجعالة والإستصناع " البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب جدة 1991 . و " صيغة الاستصناع " في مجلة إتحاد المصارف العربية عدد 176 مجلد 15 أفريل 1995 ص 42 . 44
[8]" المدخل إلى تقنيات التمويل الإسلامية "Introduction aux techniques islamiques de financement . Acte de séminaire N° 37 Institut Islamique de Recherche et de Formation, Banque Islamique de Développement. 1997 Djedda P :167.
[9] Ø´ÙˆÙ‚ÙŠ دنيا "العجالة والإستصناع " البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب 1991 جدة ص 9.
[10]رفض الحنفية Ùˆ Ø¹Ù‚د الجعالة لما فيها من مقامرة حسب ظنهم وأقرها الجمهور والشيعة خاصة الذي جعلوها تصح على كل مقصود.
[11]لمزيد التفاصيل انظر محمد عبد الحليم عمر " الإطار الشرعي والإقتصادي والمحاسبي لبيع السلم " البنك الإسلامي للتنمية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب جدة 1992 .
[12]ابن قدامة مرجع سابق Ø¬ 4 Øµ 312 .



[1] Ø§Ø¨Ù† قدامة " المغني والشرح الكبير " دار الكتاب العربي Ø¬ 5 ص 581 .


[2] Ø­Ø§Ø´ÙŠØ© ابن عابدين ج 6 ص 285 في Ù…نذر قحف "مفهومالتمويل في الإقتصاد الإسلامي " Ø§Ù„بنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب Ø¬Ø¯Ø© 1991 ص 16 .


[3] Ù‡Ù†Ø§Ùƒ احتلاف كبير بين الفقهاء في تحديد عقد الإستصناع وأحكام مشروعيته وأركان صحّته، حتى في المذهب الواحد. ولم يُعطى له عقد خاص إلاّ عند الحنفية بينما ألحقه الشافعية والحنابلة بالسّلم، والمالكية بالبيع المطلق. وقد استعمله الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم في صنع خاتمه ومنبره. وهو لا يلزم صناعة بحالها، فقد قدّمت مجلة الأحكام العدلية صورا مستحدثة منه مثل صناعة السفن. ( لمزيد التفاصيل انظر شوقي دنيا " الجعالة والإستصناع " البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب جدة 1991 . Ùˆ " صيغة الاستصناع " في مجلة إتحاد المصارف العربية عدد 176 مجلد 15 أفريل 1995 ص 42 . 44


[4] " المدخل إلى تقنيات التمويل الإسلامية " Introduction aux techniques islamiques de financement . Acte de séminaire N° 37 Institut Islamique de Recherche et de Formation, Banque Islamique de Développement. 1997 Djedda P :167.


[5] Ø´ÙˆÙ‚ÙŠ دنيا "العجالة والإستصناع " البنك الإسلامي للتنمية، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب 1991 جدة ص 9.


[6] Ø±ÙØ¶ الحنفية Ùˆ Ø¹Ù‚د الجعالة لما فيها من مقامرة حسب ظنهم وأقرها الجمهور والشيعة خاصة الذي جعلوها تصح على كل مقصود.


[7] Ù„مزيد التفاصيل انظر محمد عبد الحليم عمر " الإطار الشرعي والإقتصادي والمحاسبي لبيع السلم " البنك الإسلامي للتنمية المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب جدة 1992 .


[8] Ø§Ø¨Ù† قدامة مرجع سابق Ø¬ 4 Øµ 312 .


2007-06-30