من كان ØÙ‚يقة وراء الأزمة العالمية؟ د.خالد الطراولي / ينشر بالتزامن مع الجزيرة.نت
يتواصل المسلسل الرهيب للأزمة ÙÙŠ التمكن داخل المجتمعات ÙˆÙÙŠ زعزعة الاقتصاد، ولم يعد جديدا أو Ù…ÙØ§Ø¬Ø¢ أن تزداد يوميا قائمة المسرØÙŠÙ† والمطرودين من أعمالهم ØØªÙ‰ وصل ÙÙŠ أمريكا ÙˆØØ¯Ù‡Ø§ إلى ØØ¯ÙˆØ¯ الست ملايين. ولم يعد غريبا أن ترى طوابير Ø§Ù„Ø¨Ø§ØØ«ÙŠÙ† عن عمل أو رغي٠تزداد يوميا طولا وعرضا وتضرب على السواء بلدان الÙقر وبلدان الثراء.
لقد شخّص العديد أسباب هذه الأزمة التي يقال أنها لا تقع إلا مرة ÙÙŠ القرن كالأعاصير التي تظل تملأ كتابات التاريخ وتØÙ…Ù„ عناوين المأساة والترويع، وقد نالت الأزمة لترات من Ø§Ù„ØØ¨Ø±ØŒ الأسود غالبه، ÙˆÙ‚ÙØªÙ„ت Ø¨ØØ«Ø§ وبيانا ÙˆØ§Ø¹ØªØ±Ø§ÙØ§ بأن يد الإنسان كانت وراء المصيبة ولا تزال، وأن العناد ÙÙŠ كل مستويات ØØ§Ù…ليها راÙÙ‚ مسيرة السقوط والانهيار.
لقد غلب على كثير من الورقات Ø§Ù„Ù…Ø·Ø±ÙˆØØ© ÙÙŠ هذا الباب إلصاق السبب إلى البنوك وتسيبها Ø§Ù„ÙØ§Ø¶Ø وسعيها الدءوب إلى Ù…Ø¶Ø§Ø¹ÙØ© ربØÙ‡Ø§ØŒ Ùكان النظام البنكي المتهم الأول والرئيسي ولعله الوØÙŠØ¯ ÙÙŠ اندلاع هذه الأزمة، ÙØÙˆØµØ±Øª الأزمة ÙÙŠ بابها الاقتصادي وضÙيّق عليها ÙÙŠ بابها الاستثماري الخالص، Ùلو كانت البنوك أقل شرها وجشعا وتهورا وأكثر زهدا ورصانة ومقاسمة، لما ØØµÙ„ ما ØØµÙ„ ولواصلت القرية الكونية نموها وثرائها وعدالة تقاسم ثروتها أو نومها!!! وهذا ما يبرز أيضا ÙÙŠ كل ما Ø·Ø±ØØªÙ‡ مجموعة العشرين من اعتناء مباشر لضبط الجهاز المصرÙÙŠ وما يدور ØÙˆÙ„Ù‡ من آليات وأطرا٠وسلوكيات.
لقد كانت الزاوية المالية والمصرÙية هي الغالبة ÙÙŠ تشخيص الأزمة ÙˆÙÙŠ معالجتها وغابت زوايا أخرى يمكن أن تزعزع البناء ÙˆØªØ·Ø±Ø Ø¥Ø´ÙƒØ§Ù„ÙŠØ© كبيرة على النموذج Ù†ÙØ³Ù‡ وترجه ÙÙŠ مستوى أسسه. Ùلو استعرضنا من زاويتنا المتعددة الأبواب والأبعاد، المساهمين لانطلاق هذه المأساة الاجتماعية، ÙˆØØ§ÙˆÙ„نا تيسير Ùهمها، لدخلت على الخط وجوه أخرى ساهمت بدورها بكل قوة ÙÙŠ ØØ¯ÙˆØ« هذا الانهيار ÙˆÙØ§Ø¬Ø£ØªÙ†Ø§ بتورطها Ø§Ù„ÙØ§Ø¶Ø Ùيه.
إننا نزعم أن Ø£Ø·Ø±Ø§ÙØ§ خمسة تØÙ…Ù„ على عاتقها بنسب Ù…ØªÙØ§ÙˆØªØ© ولكنها عالية، ثقل هذه الأزمة وكانت وراء هذه Ø§Ù„ØØ§Ù„Ø© المروعة، كما يتبين لنا بين طياتها أن سلوكا ØØ¶Ø§Ø±ÙŠØ§ ÙˆØ«Ù‚Ø§ÙØ© ØªÙØ§Ø¹Ù„ وتسيير جمع بينها، وكان وراء كل ذلك ÙˆÙÙŠ آخر المسار نموذج استهلاك واستثمار وإنتاج، خيم على كل الصورة وبث ÙÙŠ كل أرجائها هذه العقلية المهزوزة تجاه Ø§Ù„Ø±ÙØ§Ù‡ ÙˆØ§Ù„Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ø§Ù‚ØªØµØ§Ø¯ÙŠ.
1/ المتداين البسيط ÙˆÙØ® الشره والتقليد الأعمى
المتداين الذي اشترى المنزل ونظر Ùقط إلى سعته ولم ينظر إلى ثقاب جيبه، كان أمريكيا لأنه كان الأكثر تواجدا وهيمنة لكنه يوجد أمثاله ÙÙŠ كل بقعة أظلتها Ø³ØØ§Ø¨ØªØ§ الرأسمالية والليبرالية Ø§Ù„Ù…ØªÙˆØØ´Ø©ØŒ نظر المسكين إلى Ø±ÙØ§Ù‡Ø© مغشوشة مبنية على مراهنة ÙÙŠ مستقبل لا يملك Ù…ÙØ§ØªÙŠØÙ‡ØŒ راهن على أن الازدهار مطلق ÙˆØ§Ù„Ø±ÙØ§Ù‡ÙŠØ© عامة تدخل كل بيت ولو من ثقب الباب وتلمس كل أسرة ولو من وراء الستار، اعتقد المسكين ÙÙŠ أنه يمكن أن يلتØÙ‚ بركب الملاك لمنازلهم ولم ÙŠÙقه أن النموذج الذي اعتمده اقتصاد بلده لم يسوي ÙÙŠ الوسائل Ù„Ù„Ø§Ù„ØªØØ§Ù‚ بالركب، Ùكانت Ø§Ù„ÙØ§Ø¦Ø¯Ø© عنصر Ø±Ø¨Ø ØºÙŠØ± عادل ووسيلة ØØ³Ø§Ø¨ غير Ù…Ù†ØµÙØ©ØŒ خاصة إذا كانت هذه الديون تØÙ…لها معدلات غير ثابتة ØªØªØØ±Ùƒ مع الزمن وإن كان هذا الزمن مجØÙا وجائرا.
لم يكن التمليك لهذه الطبقة Ø§Ù„ÙƒØ§Ø¯ØØ© ÙˆØ§Ù„Ø¶Ø¹ÙŠÙØ© والمهمشة والمنسية ÙÙŠ مسار التنمية ÙˆØ§Ù„Ø±ÙØ§Ù‡ØŒ ØØ¨Ø§ Ùيها ولا Ø´Ùقة على ØØ§Ù„ها، ولكنه شره يزداد إلى الشره، وراءه لوبيات الثراء Ø§Ù„ÙØ§ØØ´ ÙˆØ§Ù„Ø±Ø¨Ø Ø§Ù„ÙˆÙير، Ùكانت المصار٠وصناديق "الاستثمار" والملاذات الآمنة والدول الصامتة أو المساندة، ØªØ¨ØØ« عن مزيد اقتناص ÙØ±Øµ تعظيم ثرواتها ولو على ØØ³Ø§Ø¨ بيوت Ù…ÙØ±ØºØ© من أثاثها وأهلها مطرودون أمامها ÙŠÙØªØ±Ø´ÙˆÙ† الأرض ويلتØÙون السماء.
كان تأكيدا Ù„Ø§Ø³ØªÙØØ§Ù„ نموذج استهلاك قاصم، بÙني على التقليد والمضاهاة بعيدا عن أي رصانة أو وعي اجتماعي وأسري، ØªØ¯ÙØ¹Ù‡ قوة إعلامية صاخبة تزين Ø§Ù„Ù‚Ø¨ÙŠØ ÙˆØªÙŠØ³Ø± المستØÙŠÙ„ غشا وتلبيسا، Ùكانت قيم القناعة والتدرج وأخلاق التعامل والمسؤولية غائبة عن هذا النموذج، ووقع المسكين ÙÙŠ هذا Ø§Ù„ÙØ® Ùكان ضØÙŠØ© دون أن تتقلص مسؤوليته ÙÙŠ السقوط، Ùهو Ø§ØØ¯Ù‰ أبواب الأزمة ÙˆØ·Ø±ÙØ§ أصيلا ÙÙŠ تكونها، ساهم Ùيها بجهلهه وشرهه وإن كان ÙŠØØ³Ø¨ له أنه لم يكن إلا Ø§Ù„Ø±Ø§ÙØ¹ للغطاء عن قدر يغلي ولا ينتظر إلا Ù„ØØ¸Ø© الÙوران، Ùكان المسكين ولاعة Ø§Ù„Ø§Ù†ÙØ¬Ø§Ø± وسببا بارزا ÙÙŠ ظهور الأزمة ÙˆØ§Ø³ØªÙØØ§Ù„Ù‡Ø§.
2 / السوق ÙˆØ«Ù‚Ø§ÙØ© الغش والخداع والجشع
كم Ø¹ÙØ±Ù‘٠السوق على أنه لقاء Ø§Ù„ÙˆÙØ±Ø© والندرة، علاقة بين بائع وشاري، Ù…ØµÙ„ØØ© بين العرض والطلب! كم Ø§Ø¹ØªÙØ¨Ø±ÙŽ Ø§Ù„Ø³ÙˆÙ‚ الملاذ الراقي والأمثل Ù„ØØµÙˆÙ„ التبادل السليم بين هذه الأطرا٠ØÙŠØ« يجد كل نصيبه والجميع يغادر المكان ÙØ±ØØ§ مسرورا! لعلنا نسينا ÙÙŠ خضم هذا Ø§Ù„ØªØØ¯ÙŠØ¯Ø§Øª النظرية أن السوق مجموعة آليات وأخلاقية تعامل وسلوك تسعى إلى توازن Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø¨ÙŠÙ† الجميع، غير أن السوق Ø§Ù„ØØ§Ù„ية لم تضمن لكل Ø§Ù„Ø£Ø·Ø±Ø§Ù Ù†ÙØ³ المصير ÙˆÙ†ÙØ³ الآلية Ùكان الهد٠المخÙÙŠ هو السعي بكل قوة Ù„Ø¥Ø±Ø¨Ø§Ø Ø·Ø±Ù ÙˆØ¥Ùقار آخر من خلال تركيبات مالية معقدة ÙˆÙÙŠ ظل ضبابية تعامل وتلبيس ÙˆØ¥Ø®ÙØ§Ø¡ للمعلومات أو تزويقها، ولعل ÙÙŠ قضية مادو٠المعلنة خير دليل على هذه الضبابية التي ساعدت ومهدت Ù„ØµØ§ØØ¨Ù‡Ø§ البقاء أكثر من عقدين ÙÙŠ أعلى هرم بورصة نييويورك دون رقيب أو مسائل.
لم تكن السوق هذه Ø§Ù„ÙˆØ§ØØ© الجميلة التي يلمس نسيمها كل Ø§Ù„Ø£Ø·Ø±Ø§ÙØŒ ÙØªØ³Ø§Ø¹Ø¯ على إيجاد التمويل للمنشآت والشركة Ø§Ù„Ø¨Ø§ØØ«Ø© عنه ÙÙŠ مسارها الإنتاجي والوطني بل كانت ملاذا وموقعا Ù„Ù…Ø¶Ø§Ø¹ÙØ© Ø§Ù„Ø±Ø¨Ø ÙˆØ§Ù„ØªÙ„Ø§Ø¹Ø¨ بالأرقام بعيدا عن أي تعقيدات الواقع المØÙŠØ· ومتطلباته. لم يعد يهم السوق تØÙ…Ù„ إيجاد التمويل السليم للمشروع السليم ÙˆØ§Ù„Ù‡Ø§Ø¯ÙØŒ بل تطور همها إلى إيجاد الصيغة الربØÙŠØ© المثلى وإن كانت غير سليمة أخلاقيا ÙˆØØªÙ‰ اقتصاديا، عير بلورة منتوجات رقمية وورقية تØÙ…Ù„ عناصر المخاطرة والمقامرة وورقة اليناصيب ÙÙŠ إطار يغلب عليه الكازينو وألعاب الميسر. ÙØ³Ø§Ù‡Ù… السوق ÙÙŠ تكوين هذا الخندق المريع بين عالم الأرقام وعالم الواقع، ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø³ÙˆÙ‚ وأطراÙÙ‡ وآليالته وهمومه ÙÙŠ واد، والواقع ÙˆØªØØ¯ÙŠØ§ØªÙ‡ واهتماماته ÙÙŠ واد آخر، ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø³ÙˆÙ‚ ÙŠØ¯Ø§ÙØ¹ عن الØÙنة الموسرة والتي تزداد ثراء ÙˆØ±ÙØ§Ù‡Ø§ وبذخا ÙÙŠ مقابل واقع مهزوز ÙŠØ¯Ø§ÙØ¹ عن البقاء ولا غير البقاء.
3 / الإعـلام والدور المهزوز
تأثيره لم يعد موطن نقاش، السلطة الرابعة تتأكد مع الثورة التكنولوجية العارمة التي دخلت الغر٠وزوايا البيوت الضيقة ÙˆØ£ÙØ±Ø²Øª سلوكيات جديدة لمجتمعات تتطلع للمزيد. لقد مثل الإعلام ÙÙŠ أغلبه هذه اليد الخÙية تارة، بإعلاناته التجارية الموجهة أساسا لتمكن نموذج استهلاكي عني٠ومتصاعد، وتارة أخرى عبر يد معلنة وهي تساند مباشرة قرارات ومقاربات تعبّر عن لوبيات سياسية أو اقتصادية ومالية. لم يكن النموذج الرأسمالي ÙÙŠ الاستثمار السريع والاستهلاك المتعاظم ليجد مكانه ØªØØª الشمس ويØÙ…Ù„ كل Ø¯ÙˆØ§ÙØ¹ الجذب، لو لم يجد هذا الإطار التزويقي والتعتيمي Ù„ØÙ…لاته الدعائية التي غزت كل بيت وتمكنت من كل عقلية. ولم يكن الإعلام ÙÙŠ أغلبه ÙŠØÙ…Ù„ هذه الØÙŠØ§Ø¯ÙŠØ© المطلوبة والتي تتشكل عادة عبر Ø§Ù„ÙØµÙ„ بين ملاك وسائله من جهة وبين Ø£ØµØØ§Ø¨ الثروات ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨ الصولجان من جهة أخرى. لم يكن Ø§Ù„ÙØµÙ„ بين السلطات، وهو عنوان الديمقراطيات السليمة، قائما بالشكل المرضي بين أطرا٠معادلة التسيير ÙˆØ§Ù„ØªØµØ±ÙØŒ بل تشابكت Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø ÙˆØªÙˆÙ„Ø¯ عنها كثير من اللقاء بين كل هذه Ø§Ù„Ø£Ø·Ø±Ø§ÙØŒ لوبيات الصناعة وصناديق الاستثمار ÙˆØ£ØµØØ§Ø¨ القرار السياسي والإعلامي، Ùلم نر ÙØ²Ø¹Ø§ يتبلور ÙÙŠ تنبيهات أو توصيات أو ØªØØ°ÙŠØ±Ø§Øª ÙŠØÙ…لها الإعلام وهو يتابع عن كثب بروز Ùقاقيع المضاربات الخيالية، والتلاعب بالديون، ÙˆØ§Ù„Ø§Ø³ØªØ®ÙØ§Ù بأØÙˆØ§Ù„ الطبقات Ø§Ù„Ø¶Ø¹ÙŠÙØ© وهي ØªÙØ³ØØ¨ برÙÙ‚ ومكر Ù†ØÙˆ المستنقعات والمآسي.
لقد تخلى الإعلام ÙÙŠ أغلبه عن ØµÙØ© أساسية لوجوده وهو التوعية عبر الكلمة والصورة وخدمة Ø§Ù„Ù…ØµÙ„ØØ© العامة، ÙÙŠ ØÙŠØ§Ø¯ÙŠØ© تستدعي الكثير من الأمانة والصدق ومنظومة قيم، لكنه ساهم بوعي أو بغير وعي ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¯ÙØ¹ بهذه الأزمة، وكان Ø·Ø±ÙØ§ أساسيا Ùيها وأداة تمكين لنموذج استهلاك واستثمار مدمّر.
4 / الدولـة خصم معلن ومتهم مغيّب
لما يرى المتابع الهول ÙˆØ§Ù„ÙØ²Ø¹ اللذين طالا الدول الثرية والاجتماعات المتتالية ÙÙŠ أعلى المستويات داخل مجتمعاتها وخارجها والقرارات المستعجلة التي أطلقتها، يجعل هذا المتابع ÙÙŠ ØÙŠØ±Ø© من أمره، Ùهو ÙŠÙ„Ø§ØØ¸ Ø§Ù„ØØ±Øµ والمبادرة السريعة التي تقوم بها هذه الدول ØØªÙ‰ يقتنع بأنها تمثل درعا وقائيا وضروريا ضد انÙلات الأزمة وتأكيدا على وجودها ÙÙŠ Ø§Ù„Ø¶ÙØ© المقابلة، Ø¶ÙØ© الضØÙŠØ© والمقاومة ÙˆØ§Ù„ØØ§Ù…ية Ù„Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¹Ù„ÙŠØ§ والعامة. غير أن الØÙ‚يقة المؤلمة تنبلج بين الركام لنتساءل مع بعض: وأين كانت هذه الدول Ùˆ الØÙƒÙˆÙ…ات الساهرة عليها! لم تكن البنوك تسكن الكهو٠ولا تتعامل ÙÙŠ سوق سوداء لا شموس Ùيها..ØŒ لم تكن الملاذات الآمنة تسكن بلاد الواقواق أو على كواكب غير كوكبنا، بل أن أكثرها تØÙ…Ù„ ÙŠØ§ÙØ·Ø§ØªÙ‡ دول عريقة تØÙ…Ù„ شهادات الØÙŠØ§Ø¯ ÙˆØØ³Ù† السيرة السياسية والاقتصادية، وليست سويسرا أو ليكسنبورغ أو هونكوغ إلا أمثلة قائمة. وما التردد الذي شغل قمة العشرين أخيرا، وتشدد الموق٠الصيني تجاه بعض ملاذاته، إلا تأكيد ضمني على أن هذا التعامل المغشوش الذي ØÙÙ„ هذا الملاذات والذي ساهم بشكل كبير ÙÙŠ عدم ضبط الاقتصاد المالي عموما، كان ولا يزال يمثل Ù…ØµÙ„ØØ© لهذه البلدان أو لمن يق٠وراءها. ÙØ¥ØºÙ…اض العين عنها هو قبول Ù„ØªØµØ±ÙØ§ØªÙ‡Ø§ التي لم تخÙÙŽ على Ø£ØØ¯ØŒ ولكن كانت تخدم Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø¯ÙˆÙ„ ÙˆØ£ÙØ±Ø§Ø¯ ومثلت جزء من برامجها وخططها الاقتصادية ÙˆØØªÙ‰ التنموية.
إن الدعوة اليوم إلى مزيد من تدخل الدولة ÙÙŠ هذا القطاع ينبئ عن ØÙ‚يقة مخÙية وهو أن الدولة لم تكن غائبة تماما عن الجهاز المصرÙÙŠ بل كانت تØÙ…Ù„ ÙÙŠ البعض منه موقع المساهم Ø§Ù„Ù…ØªÙ†ÙØ° الذي يمثل الأقلية Ø§Ù„ÙƒØ§Ø¨ØØ© التي ØªØØ¸Ù‰ بميزات خاصة، لها قرار توقي٠أي معاملة إذا رأتها لا تخدم Ø§Ù„Ù…ØµÙ„ØØ© العامة، لكن هذه الآلية لم يقع استعمالها بالشكل المرضي وغابت بين ظلال Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¶ÙŠÙ‚Ø© التي خدمت الخواص أكثر مما خدمت Ø§Ù„Ù…ØµÙ„ØØ© العامة ÙˆØ£Ø±Ø¨ØØª اللوبيات والصناديق على ØØ³Ø§Ø¨ Ø£ØÙ„ام الصغار وآمال الأسر ÙˆØ§Ù„Ø£ÙØ±Ø§Ø¯. إن لقاء Ø§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø¨ÙŠÙ† الجهاز المصرÙÙŠ والدولة لم يكن غائبا ومثل ÙÙŠ الØÙ‚يقة تواجد أكثر من طر٠ÙÙŠ اندلاع هذه الأزمة ÙˆØ§Ø³ØªÙØØ§Ù„Ù‡Ø§.
5 / البنوك كبش ÙØ¯Ø§Ø¡ وأصل الداء
لن نتوق٠كثيرا ØÙˆÙ„ها، Ùلقد مثلت ÙÙŠ الØÙ‚يقة كبش Ø§Ù„ÙØ¯Ø§Ø¡ØŒ لا لأنها بريئة براءة ذئب ÙŠÙˆØ³ÙØŒ ولكن لأنها كانت Ø·Ø±ÙØ§ ÙŠØÙ…Ù„ قسطا ÙˆØ§ÙØ±Ø§ ÙÙŠ اندلاع الأزمة ومثلت الذراع المالي لسلوك استثماري شكلته عقلية النموذج الرأسمالي ÙÙŠ Ùهمه لدور المال ومأتاه ومصاريÙÙ‡. لم يكن البنك ليمثل هذه الأداة النوعية الخطيرة ÙÙŠ سلوك مالي واقتصادي هدام لو لم تكن مرجعيته النظرية ومقاربته الاقتصادية مبنية على ÙØ±Ø¶ÙŠØ© "دعه يعمل دعه يمر" التي انبثقت من ورقات ØµÙØ±Ø§Ø¡ قديمة ØÙ…لتها كتابات آباء النظرية الرأسمالية من أدام سميث واستوارت ميل، ØÙŠØ« اعتبروا أن السوق لا يخطئ أبدا وأن اليد الخÙية التي تقوده لن ترسي إلا على Ù†Ø¬Ø§ØØŒ والتي تواصلت ØØ¯ÙŠØ«Ø§ بدعوة الرئيس الأمريكي الأسبق ريغان ÙÙŠ خطاب تعيينه الأول إلى "قتل الدولة".
كانت أدوات الجهاز المصرÙÙŠ المستعملة من بيع على المكشو٠وبيع للديون وتركيبات جهنمية لصيغ "استثمار" لا ÙŠÙقهها ØØªÙ‰ Ø£ØµØØ§Ø¨Ù‡Ø§ ومعروضة للبيع، قنابل موقوتة تنبئ عن كوارث لاØÙ‚Ø© ولا شك، وتØÙ…Ù„ بصمات البنوك والصناديق ومؤسسات التصني٠الإئتماني، غير أنها تمثل أيضا عقلية Ø±Ø¨Ø ÙˆØ«Ù‚Ø§ÙØ© تمويل تستمد وجودها من نموذج متكامل للعلاقة مع المال ØªØµØ±ÙØ§ ÙˆØ¥Ù†ÙØ§Ù‚ا.
لقد تمكنت علاقة ثلاثية رهيبة داخل الجهاز المصرÙÙŠ بين بنوك جعلت همها Ø§Ù„Ø±Ø¨Ø Ø§Ù„Ø¹Ø§Ø¬Ù„ عبر Ø§Ø³ØªØØ¯Ø§Ø« تركيبات استثمارية شيطانية وخطيرة، Ùˆ بين مؤسسات تصني٠تبارك وتجازي عبر معايير اختيار تغلب عليها الذاتية المطلقة بعيدا عن الموضوعية وتØÙ…Ù„ كثيرا من المواق٠المشبوهة، ومع طر٠ثالث مثلته صناديق الاستثمار والمضاربة وهي تسعى لا هثة لتعظيم أرباØÙ‡Ø§ عبر كل ما ØªØ³ØªØØ¯Ø«Ù‡ آليات الاستثمار من عقود وتركيبات، كل ذلك ØªØØª صمت مريب للدولة Ø§Ù„ØØ§Ø¶Ù†Ø© نظريا لكل التظاهرات والمظاهر التي ترعى Ù…ØµÙ„ØØ© Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ دون التعرض Ù„Ù„Ù…ØµÙ„ØØ© العامة.
إن التقاء نموذج استثماري يجعل من Ø§Ù„Ø±Ø¨Ø Ø§Ù„ÙˆØ§ÙØ± ÙˆØ§Ù„Ø±Ø¨Ø Ø§Ù„Ø³Ø±ÙŠØ¹ هد٠كل صيغة استثمار، مع منظومة أخلاقية Ù…ØªÙ‡Ø§ÙØªØ© ÙŠØÙ…لها Ø£ÙØ±Ø§Ø¯ ومؤسسات ØªØ¨ÙŠØ ÙƒÙ„ هبوط قيمي ÙˆØ§Ù†ØØ¯Ø§Ø± أخلاقي وتبرر ÙØ¹Ù„Ù‡ وإشهاره جعل من المؤسسة البنكية والجهاز المصرÙÙŠ الإطار الأمثل لتمكين هذه العلاقة وتجربة ÙÙ„Ø³ÙØ© كاملة للØÙŠØ§Ø© ÙÙŠ ظلال سوق مالية مغشوشة ÙˆÙ…Ø²ÙŠÙØ©. Ùكانت ÙØ¶Ø§Ø¦Ø العملاء المصرÙيين قد سبقت الأزمة وساهمت ÙÙŠ اندلاعها من بعيد وكانت نارا ØªØØª الرماد، ØÙŠØ« غاب الوعي Ø¨Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ø¬Ù…Ø§Ø¹Ø© وهيمن Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ مع مؤسسته أو بدونها ÙÙŠ التلاعب بالملايين عير ارتعاشات أرقام على شاشات وراءها ملايين العمال والعوائل، Ùكانت الخسارات بالمليارات ÙÙŠ بورصات تشبه الكازينو وكان آخرها Ù…Ø§ØØ¯Ø« للبنك Ø§Ù„ÙØ±Ù†Ø³ÙŠ "الشركة العامة" من خسارة مليارات على إثر مراهنة ÙØ§Ø´Ù„Ø© تقارب عملية القمار.
ختاما، لقد استبعدنا من Ø¨ØØ«Ù†Ø§ Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± التآمري للتاريخ ØØªÙ‰ لا Ø£ØØ´Ø± Ù†ÙØ³ÙŠ ÙˆØ§Ù„Ù‚Ø§Ø±Ø¦ ÙÙŠ دهاليز لا ØªØØªÙ…لها هذه الورقة رغم بعض الشبهات ÙˆØ§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø ÙÙŠ هذا الباب...إن الاستعراض الجلي الذي قامت به أخيرا مجموعة العشرين بتوجيه أصابع الاتهام إلى الجهاز المصرÙÙŠ ÙˆÙ…ØØ§ÙˆÙ„Ø© تقليم Ø£Ø¶Ø§ÙØ±Ù‡ عبر سلسلة من قرارات الضبط والتنظيم، لا يمثل ÙÙŠ الØÙ‚يقة إلا ترقيعا ÙØ¶Ùاضا لا يتغلغل ÙÙŠ صلب البناء المصرÙÙŠØŒ الذي يعتمد على سلوك ونظرية عامة تجعل من Ø§Ù„ÙØ§Ø¦Ø¯Ø© عنصر ØØ³Ø§Ø¨ واستثمار، ولقد سبق هذا الترقيع العملي ترقيع نظري تواصل على أكثر من ثلاث عقود عبر دور سلبي اللإقتصاديين ØÙŠØ« عميت بصيرتهم عن الواقع الواقع العالمي كما يراه جون كي Ùˆ ÙØ´Ù„وا ÙÙŠ Ù„ÙØª الأنظار لهذا الزيغ الذي طال الأسواق المالية. ورغم الكتابات الإسلامية ÙÙŠ هذا الباب والتي ØªØØ¯Ø«Øª إجمالا عن Ø¥Ùلاس المشروع الاقتصادي الليبرالي وهي نبوءة عامة ØªØØ³Ø¨ لها، ÙØ¥Ù†Ù‡Ø§ تباطأت ÙÙŠ بلورة البديل المرتقب الذي ينطلق من الإنسان ليعود إليه ØªØØª مظلة مقدسة شاملة وقراءة واعية للواقع ومستجداته ÙˆØªØØ¯ÙŠØ§ØªÙ‡.
وهذا يتطلب ÙÙŠ الØÙ‚يقة الخوض ÙÙŠ إمكانية استبدال كل النموذج وليس Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© ترقيعه ÙØØ³Ø¨ØŒ ولكن ليس لهذا Ø§Ù„ÙØ¹Ù„ اعتبار اليوم ويبقى مناط الØÙ„Ù… والأمل، لأنه يتجاوز المعطى الاقتصادي ويتنزل ÙÙŠ مقامات سياسية رÙيعة وتغيير ØØ¶Ø§Ø±ÙŠ ÙŠØ³ØªØ¯Ø¹ÙŠ وجود بديل متكامل ÙˆØ§Ø¶Ø Ø§Ù„Ù…Ø¹Ø§Ù„Ù… والأÙÙ‚ ويسهر عليه ØÙ…لة واعون وجديون وهو ما لم ØªÙØ±Ø²Ù‡ الأيام بعد، وإن كان التململ الإسلامي قائما ÙÙŠ هذا الباب، ولكن بكثير من الØÙŠØ§Ø¡ØŒ وعدم الجرأة والثقة ÙÙŠ Ø§Ù„Ù†ÙØ³ØŒ والخو٠من التغيير.